أقرّ رئيس مجلس الأمة الجزائري، صالح قوجيل، بأن
"حرب الرمال" في سنة 1963 ضد الجيش المغربي كان لها تأثير وانعكاس على
عقيدة الجيش الجزائري، معتبرا أن الهزيمة أو "الاعتداء المغربي" حسب
تعبيره، كان السبب في "تحوير جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني
الشعبي" ليكون بذلك "مرتبطا بالوطن والشعب خلافا لباقي الجيوش في العالم".
وقال قوجيل في منتدى لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية
بمناسبة ذكرى مجازر 8 ماي 1945، أمس الاثنين، بأن الشعب الجزائري يهب للدفاع عن
وطنه من الأخطار الخارجية في العديد من المحطات التاريخية، مستدلا على ذلك بمثال
ما حدث في سنة 1963، أو ما يُعرف بحرب الرمال التي سقط فيها 850 جنديا جزائريا على
يد الجيش المغربي وفق المعطيات التي قدمها قوجيل.
وأضاف نفس المتحدث في هذا السياق بأن "المغرب يومها
كان يعول على الخلافات التي كانت بين قادة الثورة الذين جابهوا الأطماع المغربية
التوسعية بتلاحمهم ودفاعهم عن وحدة الوطن"، داعيا الشعب الجزائري الاستفادة
من عبرة هذا الدرس التاريخي.
ولم يتوقف قوجيل عن ذكر ما يعتبره الكثير من المسؤولين الجزائريين
بالاعتداءات المغربية والسياسة التوسعية للرباط عبر التاريخ، وانتقل إلى الإشارة
إلى المخاطر المرتبطة حسب تعبيره بتحركات الكيان الصهيوني وتوجه المغرب لتطبيع
العلاقات مع إسرائيل، حيث اعتبر أن ذلك "تهديدا مباشرا للجزائر، وليس للقضية
الفلسطينية فقط"، مشيرا إلى أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل هي علاقات
"قديمة وليست وليدة الساعة".
ويُعتبر ما صرح به رئيس مجلس الأمة الجزائري الذي يُعد
هو الرجل الثاني في البلاد، هو تأكيد على ما سبق أن أشار إليه الكثير من المتابعين
للعلاقات المغربية الجزائرية، وهي أن النظام العسكري في الجزائري لديه "عقدة
تاريخية" من المغرب، وهي العقدة التي انطلقت بعد الهزيمة في حرب الرمال في
سنة 1963، حيث أصبح المغرب هو العدو الأول للجار الشرقي.
وعندما قررت الجزائر منذ حوالي عامين قطع جميع علاقاتها
مع المغرب، كانت من الأسباب التي ذكرها النظام الجزائري، هو ما وصفه
بـ"الاعتداء المغربي" على الجزائر في حرب الرمال، في الوقت الذي كانت
الجزائر لازالت تُلملم جراجها بعد معارك طاحنة لانهاء الاستعمار الفرنسي على مدى 8
سنوات وفق الرواية الجزائرية.
ويرى متابعون للشأن المغربي الجزائري، أن من الأسباب التي
تقف أمام أي مصالحة بين البلدين، هو اصرار الجزائر على العودة لكل التوترات
التاريخية بين البلدين، في حين أن المغرب سبق أن طالب في السنوات الأخيرة أكثر من
مرة، بالتفاوض المباشر وفتح صفحة جديدة في العلاقات يكون هدفها تمتين الروابط
المشتركة بين الجزائر والمغرب.
وكان الملك محمد السادس قد دعا الرئيس الجزائري، عبد
المجيد تبون، في إحدى خطاباته العام الماضي، من أجل فتح باب الحوار بين البلدين
وفتح الحدود، وبدء صفحة جديدة في العلاقات الثنائية دون قيود وشروط الماضي، لأن ما
حدث في الماضي لم يكن للملك محمد السادس ولا الرئيس الجزائري الحالي ولا السابق،
أي عبد العزيز بوتفليقة، أي يد فيها، غير أن دعوة الملك قوبلت بالصمت من طرف
الجزائر.