الجمعة 16 غشت 2024
يترقب الرأي العام المغربي حلول ذكرى ثورة الملك والشعب (20 غشت) وعيد الشباب
(21 غشت)، لمعرفة ما إن كان نشطاء حراك الريف بقيادة ناصر الزفزافي، سيستفيدون
من عفو ملكي أم لا، في ظل ترويج أنباء عن اقتراب استفادتهم من عفو ملكي.
يأتي ذلك في ظل التفاؤل الكبير الذي يطبع الساحة الحقوقية بالمغرب عقب الإفراج
عن صحفيين ومدونين ومناهضين للتطبيع مع إسرائيل، خلال العفو الملكي في ذكرى عيد
العرش التي تزامنت هذا العام مع مرور 25 سنة على تربع الملك على عرش
المملكة.
وخلال عيد العرش الأخير، أصدر الملك محمد السادس، عفوا عن 2476 شخصا، ضمنهم
الصحفيين توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني، والمدونين رضا الطاوجني
ويوسف الحيرش وسعيدة العلمي ومحمد قنزوز.
كما شمل العفو الملكي الأخير نشطاء حقوقيين مناهضين للتطبيع، عدد منهم ينتمون
لجماعة العدل والإحسان، حيث استفاد من العفو كل من عبد الرحمان ونكاض وسعيد
بوكيوض ومصطفى دكار، إلى جانب معتقلين آخرين مدانين في قضايا الإرهاب
والتطرف.
ولقي العفو الملكي المذكور ترحيبا حقوقيا وسياسيا واسعا بالمغرب وخارجه،
حيث اعتبرته شخصيات ومنظمات وطنية ودولية أنه يمثل صفحة جديدة في المسار
الحقوقي بالمغرب، ومصالحة حقوقية داخلية، وسط نداءات بأن يشمل العفو المقبل
نشطاء حراك الريف وفجيج والنقيب زيان.
والعفو الملكي هو حق سيادي للملك محمد السادس، وفق ما ينص عليه الفصل 58 من
دستور 2011، حيث جرت العادة أن يصدر العفو خلال مناسبات دينية ووطنية، ويتعلق
الأمر بعيدي الفطر والأضحى، عيد المولد النبوي، عيد العرش، ذكرى ثورة الملك
والشعب، عيد الشباب، عيد المسيرة الخضراء، عيد الاستقلال، ذكرى تقديم وثيقة
المطالبة بالإستقلال.
ويقضي الزفزافي عقوبته بسجن “طنجة 2″، حيث اعتقل شهر ماي 2017 أثناء حراك
الريف الذي انطلق بإقليم الحسيمة سنة 2016، ليتم الحكم عليه في أبريل 2019
بالسجن 20 عاما نافذة، إلى جانب نشطاء آخرين في الحراك، وهي أحكام كانت قد
أيدتها محكمة النقض بالرباط.
وسبق أن نُقل الزفزافي إلى خارج السجن أكثر من مرة لإجراء فحوصات طبية بطنجة
بسبب آلام كان يشعر بها بين الفينة والأخرى، فيما كان قد حل بمدينته
الحسيمة، يناير الماضي، لعيادة جدته المريضة ضمن زيارة قصيرة وافقت عليها إدارة
السجون كخطوة إنسانية .
وكانت خمس منظمات حقوقية دولية قد طالبت، في وقت سابق، السلطات المغربية
بالإفراج عن الزفزافي، ويتعلق الأمر بكل من منظمات فريدوم هاوس، والعفو
الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومركز ضحايا التعذيب، ومشروع الديموقراطية في
الشرق الأوسط.
ففي يونيو 2021، رفضت محكمة النقض بالرباط كل طعون معتقلي حراك الريف الذين
تُوبعوا بالبيضاء، لتصبح حينها الأحكام الاستئنافية الصادرة بحقهم نهائية،
ويتعلق الأمر بملفات 42 معتقلا، استفاد 22 منهم من عفو ملكي، فيما استكمل 10
منهم عقوباتهم، و4 آخرون كانوا متابعين في حالة سراح، فيما بقي رهن الاعتقال
بطنجة 6 نشطاء يعتبرون قادة الحراك، وهم ناصر الزفزافي ونبيل احمجيق ومحمد جلول
وسمير إغيد ومحمد الحاكي وزكرياء أضهشور.
وكانت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قد قضت، أبريل 2019، بأحكام تتراوح ما
بين عام واحد و20 سنة سجنا نافذا بحق قادة حراك الريف ضمن ما يُعرف بمجموعة
“الزفزافي ورفاقه”، فيما صدرت أحكام أخرى بالسجن بحق عشرات آخرين من نشطاء
الحراك بمحاكم أخرى خاصة بالحسيمة.
حراك الريف الذي تفجر خريف 2016 عقب مقتل بائع السمك محسن فكري داخل شاحنة
نفايات، وامتد إلى صيف 2017، كان قد حمل مطالب اجتماعية واقتصادية وثقافية، غير
أن السلطات اتهمت نشطاء الحراك بـ”خدمة أجندة انفصالية والمس بالاستقرار والأمن
العام”، حيث أسفرت التظاهرات عن توقيف نشطاء قدرت جمعيات حقوقية عددهم
بالمئات.
ومع كل عفو ملكي، يعود الزفزافي ورفاقه إلى الواجهة، حيث تطالب أحزاب سياسية
ومنظمات وشخصيات حقوقية مغربية ودولية، بالإفراج عن نشطاء حراك الريف وتعتبر
الأحكام الصادرة بحقهم “قاسية”، في حين تشدد السلطات دوما على أن محاكماتهم
كانت عادلة واحترمت المعايير الدولية.