الخميس 22 غشت 2024
قال “معهد
الدراسات الأمنية” الجنوب الإفريقي إن مسؤولي بريتوريا يفقدون الأمل في استمرار
جبهة البوليساريو الانفصالية بعد تزايد داعمي الرباط، مؤكدا أن المسؤولين بجنوب
إفريقيا، والتي تعد واحدة من بين أبرز الداعمين للجبهة إلى جانب الجزائر “يرون
تآكلاً في الدعم لها مقابل نمو مطرد في دعم السيادة المغربية على الصحراء”.
واعتبر “معهد
الدراسات الأمنية” أن دعم ثلاث قوى كبرى (الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا
وفرنسا) لمبادرة الحكم الذاتي المغربية “ضربة كبرى” لجبهة البوليساريو الانفصالية،
مؤكدا أن الدعم المتزايد الذي تظفر به الرباط، سواء على المستوى الدول أو الإفريقي
“يهدد استمرارها ويجعلها تخسر تدريجيا”.
ولفت المعهد
الذي تأسس سنة 1991، ومقره الرئيسي في بريتوريا بجنوب إفريقيا، وله مكاتب إقليمية
في أديس أبابا بإثيوبيا، وداكار بالسنغال، ونيروبي بكينيا، إلى أن أول قوة كبرى
تتحرك في هذا الاتجاه كانت الولايات المتحدة في عام 2020. حين اعترف الرئيس
الأمريكي السابق دونالد ترامب رسمياً بسيادة المغرب، وبعدها جاء الدور على إسبانيا
في 2022، وخرجت لتعلن أنها تعتبر الحكم الذاتي “حلا وحيدا” لنزاع الصحراء.
وأضاف المعهد
في تقرير نشر على موقعه الإلكتروني، واطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، “لكن
التطور الذي قد يغير اللعبة والذي قد تتبعه دول أخرى هو الموقف الرسمي الذي تم
الإعلان عنه من خلال رسالة وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الملك محمد
السادس، معلنا دعمه للحكم الذاتي باعتبارها “الأساس الوحيد”.
وتوقع
المعهد، وبناء على معطيات نشرتها وسائل إعلام فرنسية متفرقة، أن “تتصرف فرنسا بما
يتماشى مع هذا الموقف على الصعيدين الوطني والدولي”.
ورصد المعهد،
تراجع دعم الدول الإفريقية للبوليساريو الانفصالية، مشيرا إلى أن 22 دولة فقط
تعترف بها حاليا، في حين سحبت عدة دول أخرى اعترافها في السنوات الأخيرة أو جمدته،
في انتظار حل النزاع. وذلك مقابل 22 دولة أفريقية فتحت قنصليات بالأقاليم
الجنوبية.
وأشاد المعهد
بالاستراتيجية المتبعة من المغرب، والتي اختار فيها إبقاء القضية في الأمم
المتحدة، بعيدا عن الاتحاد الأفريقي، “حيث تتمتع دول مثل جنوب أفريقيا والجزائر
بالنفوذ وحيث الجمهورية الوهمية عضوا”.
وفي هذا
السياق، تقول ليسل لو-فودران، المستشارة العليا في الاتحاد الأفريقي بمجموعة
الأزمات الدولية، “لقد كان ملحوظا كيف أبقى المغرب قضية الصحراء تماماً خارج جدول
أعمال الاتحاد الأفريقي.” وتؤكد أنها لا تُناقش أبداً في جمعية الاتحاد الأفريقي،
أو مجلس السلام والأمن المغرب عضو فيه)، أو قسم الشؤون السياسية بالاتحاد الأفريقي
“وكأنها لا وجود لها”.
وقبيل
أسبوعين تقريبا، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه إزاء
التطورات التي تشهدها منطقة الصحراء، مؤكدا أهمية العمل بوقف إطلاق النار، الذي
خرقته البوليساريو منذ سنة 2020، خاصة عقب “الحالة الراهنة المتدهورة والتي وجب
تصحيحها على وجه السرعة، لأغراض منها تجنب أي تصعيد”، مؤكدا أن التفاوض لبلوغ حل
سياسي “أمرا أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، بعد مرور ما يقرب من خمسة عقود على
النزاع”.
وقال
غوتيريتش، في تقريره الذي قدمه إلى الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم
المتحدة، والذي يتناول الفترة من 1 يوليوز 2023 إلى 30 يونيو 2024، والذي اطلعت
عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن الأمم المتحدة “لا تزال على استعداد لعقد
اجتماع يضم جميع المعنيين بمسألة الصحراء في مسعى مشترك للبحث عن حل سلمي”، حاثا
هذه الأطراف على “التعامل مع العملية السياسية بعقل متفتح، وعلى الامتناع عن تقديم
شروط مسبقة وعلى اغتنام الفرصة التي تتيحها أعمال التيسير والجهود التي يبذلها
مبعوثي الشخصي”، في إشارة إلى الجزائر التي رفضت العودة إلى الموائد المستديرة
متحدية قرار مجلس الأمن.
واشترط
المسؤول الأممي مشاركة “جميع” الأطراف والجهات المعنية في هذه الاجتماع، بـ”حسن
نية ووجود إرادة سياسية قوية واستمرار الدعم من المجتمع الدولي”، مشددا على تأكيده
“أنه من الممكن التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان، وفقا لقرارات مجلس
الأمن 2440 (2018) و2468 (2019) و2494 (2019) و2548 (2020) و2602 (2021) و2654
(2022) و2103 (2023).
وأشار
غوتيريش إلى أنه قدم إلى مجلس الأمن عملا بقراره 2654 (2022)، تقريرا عن الحالة
فيما يتعلق بالصحراء (2023/729/S) في 3 أكتوبر 2023، والذي يتناول بالوصف
الحالة على أرض الواقع، ووضع العملية السياسية، وحالة تنفيذ القرار 2654 (2022)،
والتحديات الراهنة التي تواجهها عمليات بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”، والخطوات
المتخذة للتغلب عليها.
وأوضح الأمين
العام الأممي بأنه في 30 أكتوبر 2023، اتخذ المجلس قراره 2703 (2023) الذي جدد فيه
ولاية بعثة المينورسو حتى 31 أكتوبر 2024، والذي طلب إليه تقديم تقرير عن الحالة
في الصحراء قبل نهاية فترة الولاية بوقت كاف، مشيرا إلى أنه سوف يجري إعداد وتقديم
تقرير منفصل تلبية لذلك الطلب.
وخلال الفترة
المشمولة بالتقرير، أكد غوتيريش أن الحالة في الصحراء ظلت تتسم بانخفاض حدة
الأعمال العدائية، واستمرار بعض التحديات التي تواجه البيئة التشغيلية للبعثة
الأممية.
وذكر غوتيريش
في هذا التقرير، بالزيارات التي قام بها مبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا إلى
المنطقة ولقاءاته ومشاوراته مع الأطراف المعنية، وأعضاء مجلس الأمن، وأعضاء مجموعة
الأصدقاء المعنية بنزاع الصحراء، وغيرهم من الجهات الفاعلة المهتمة، وذلك بغية
“إحراز تقدم بناء في العملية السياسية المتعلقة بهذا النزاع، مؤكدا بأن دي ميستورا
قد لاحظ خلال تلك الاجتماعات واللقاءات بارتياح، ما أعرب عنه محاوروه من دعم
للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتيسير التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع، كما أكد
غوتيريش بأن مبعوثه الشخصي قد تلقى تأييدا واسعا من أعضاء مجلس الأمن الدولي
لجهوده وذلك خلال تقديمه لإحاطتين إلى المجلس في 16 أكتوبر 2023 و16 أبريل 2024 في
مشاورات مغلقة