الأحد 10 نونبر 2024
منذ الاستقلال، تواصل المملكة المغربية سعيها الدؤوب للنهوض بالأقاليم الجنوبية، من خلال إطلاق وتنفيذ مشاريع اقتصادية كبرى في مجالات متنوعة تشمل البنية التحتية وجذب الاستثمارات، بما يسهم في تحسين الظروف المعيشية وتعزيز التنمية الشاملة في المنطقة.
وبمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، شهدت مدينة الداخلة يوم
أمس الأربعاء تدشين وإعطاء انطلاقة لعدد من المشاريع التنموية التي تمس مختلف
المجالات السوسيو اقتصادية، الصحية، الرياضية، والبنية التحتية، مما يعكس
التزام المغرب بتطوير هذه الأقاليم وجعلها نموذجاً في التنمية المتكاملة.
المحلل الاقتصادي رشيد ساري، أن الأقاليم الجنوبية للمملكة تشهد نهضة تنموية شاملة منذ عام 1975 وحتى
اليوم، مشيراً إلى أن المنطقة انتقلت من شبكة طرقية محدودة لا تتجاوز 70
كيلومتراً إلى بنية تحتية متطورة تفوق 4,000 كيلومتر، بما في ذلك الطريق السريع
تيزنيت – الداخلة، الذي يمتد على مسافة تزيد عن 1,050 كيلومتراً، وبلغت نسبة
إنجازه مراحل متقدمة تجاوزت 90 بالمئة.
وأوضح ساري أن المنطقة شهدت نقلة نوعية في مجال الطاقة الكهربائية، إذ كانت
تفتقر إلى الإمدادات الكهربائية في السابق، أما اليوم فتحتضن مشاريع ضخمة
تتراوح سعتها ما بين 50 و800 ميغاوات، ما يعكس حجم الاستثمارات الكبيرة في
القطاع الطاقي.
وأشار المتحدث إلى النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي بدأ
بميزانية أولية قدرها 77 مليار درهم، لتصل الآن إلى ما يقارب 100 مليار درهم،
مما يعكس اهتمام الدولة بتطوير المنطقة.
وشدد المحلل الاقتصادي على أن نسبة إنجاز هذا النموذج التنموي تجاوزت 80
بالمائة، مستعرضاً عدة مشاريع بنيوية، بما فيها بناء السدود والموانئ مثل ميناء
العيون وميناء أمهيريز، الذي يقع على بُعد 80 كيلومتراً من الكركرات، بالإضافة
إلى ميناء الداخلة الأطلسي، الذي وصل إنجازه إلى 20 بالمئة، مضيفا أن الميزانية
المخصصة لهذا الميناء ارتفعت من 10 مليارات درهم إلى 13 مليار درهم، كما جرى
إطلاق استثمارات واسعة في القطاعين الفلاحي والصناعي، بما في ذلك مشروع هرمتان
الريحي الذي تصل تكلفته إلى 2.5 مليار دولار.
وسلط ساري الضوء جهود جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية عبر منصات مخصصة مثل
“الداخلة كونيكت” و”العيون كونيكت”، مشيراً إلى أن هذا المسار التنموي يؤهل
الأقاليم الجنوبية لتكون جاهزة للمشاركة في المبادرات الكبرى مثل المبادرة
الأطلسية لدول غرب الساحل، فضلاً عن المشروع النيجيري المغربي الذي سيمد عدداً
من الدول بالطاقة.
ويرى المتحدث أن هذه الإنجازات لا تقتصر على التأثير المحلي فحسب، بل تحمل
بعداً دولياً من خلال الاستراتيجية المائية التي تهدف إلى تزويد مناطق عدة
بالطاقات المتجددة، ولاسيما الشمسية، مسجلا وجود استثمارات أمريكية وصينية،
بالإضافة إلى استثمارات إسبانية في القطاع السياحي بالداخلة، ومشاريع مستقبلية
لإنشاء مصانع للبطاريات الكهربائية في العيون.
وأضاف المحلل الاقتصادي أن القطاع الفلاحي في الأقاليم الجنوبية يشهد تطوراً
ملموساً، إذ بات يعتمد على تحلية مياه البحر بتكلفة منخفضة تصل إلى 2.40 درهم
للمتر المكعب، مقارنة بمناطق أخرى تصل فيها التكلفة إلى 10 دراهم، مع تحمّل
الدولة لنصف التكلفة، مما يسهم في تطوير مناطق زراعية جديدة.
واعتبر ساري أن هذه المشاريع تسهم في تعزيز البنية التحتية، وتجعل من المغرب
مركزاً اقتصادياً في إفريقيا، وربطاً هاماً بين القارات، مؤكداً أن الأقاليم
الجنوبية في طريقها للتحول إلى قطب اقتصادي إقليمي، مشددا على أن العلاقات
الاقتصادية مع الشركاء، وخاصة بعد توقيع أكثر من 18 اتفاقية مع فرنسا، تعكس
نجاح المغرب في بناء شراكات مبنية على مبدأ “رابح-رابح”، مما يؤسس لمستقبل
اقتصادي واعد في الأقاليم الجنوبية.
جدير بالذكر أن رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، امباركة بوعيدة، مرفوقة بوالي
الجهة عامل عمالة كلميم محمد الناجم أبهاي، أطلقت مشروع بناء مركب الأميرة لالة
مريم للتأهيل الاجتماعي بمدينة كلميم.
وأشرف والي جهة الداخلة – وادي الذهب، علي خليل، برفقة عدد من المسؤولين، على
تدشين ملاعب رياضية للقرب بحي السلام بمدينة الداخلة، التي أنجزتها جماعة
الداخلة بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وتشمل
تجهيزات حديثة من ملاعب بالعشب الاصطناعي، ومستودعات، ومرافق رياضية أخرى، كما
أعطى الوالي انطلاقة مشروع تهيئة وتوسيع شارع الولاء بتكلفة تبلغ حوالي 282
مليون درهم.