في سياق
تنافسهما الإقليمي على تعزيز حضورهما داخل الهياكل القارية الإفريقية يتسابق كل من
المغرب والجزائر، إلى جانب مصر، على الظفر بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد
الإفريقي في الانتخابات المقررة في شهر فبراير القادم. ويُنظر إلى الترشح الجزائري
على هذا المستوى، من خلال سفيرة الجزائر لدى إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، كخطوة
تهدف إلى مواجهة النفوذ المغربي المتزايد في إفريقيا، وتوجس قصر المرادية من
الأدوار المتنامية للرباط في عمقها القاري.
ويؤكد مهتمون في
هذا الشأن أن ملف المغرب يبرز كأقوى المرشحين للظفر بهذا المنصب، من خلال لطيفة
أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، مستندًا إلى إستراتيجية
دبلوماسية شاملة عززت مكانته في إفريقيا، خاصة منذ العودة إلى الاتحاد الإفريقي
عام 2017، التي مكنته من بناء شبكة علاقات واسعة مع الدول الإفريقية عبر مشاريع
تنموية كبرى. وفي المقابل يبقى الملف الجزائري أضعف نسبيًا، بالنظر إلى ما تعانيه
الدبلوماسية الجزائرية من تراجع وتصدع في تحالفاتها القارية التقليدية.
أورد البراق
شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن
“ترشيح المغرب لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يعكس إستراتيجية
الدبلوماسية المغربية التي تركز على الدبلوماسية متعددة الأطراف، ويهدف إلى تعزيز
حضور البلد في المنظمات الدولية والإقليمية، ما يؤكد مكانته كعضو فاعل ومسؤول في
المجتمع الدولي ويعكس التزامه العميق بالتعاون متعدد الأطراف والمساهمة الفعالة في
معالجة القضايا الإفريقية”.
وأوضح البراق،
أن “هذه الخطوة تعد جزءًا من إستراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب كعضو
فاعل ومسؤول في المجتمع الدولي، إذ يسعى إلى لعب دور قيادي في الملفات الحيوية،
مثل الأمن والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب
والتحديات المناخية؛ فيما سيساهم هذا الترشيح في تعزيز مكانته من خلال تعزيز حضوره
القيادي في القضايا الإفريقية، وتوسيع شبكة علاقاته مع الدول الأعضاء، ما يمكنه من
التأثير في السياسات الإقليمية وتعزيز أجندة التنمية المستدامة وخدمة القضايا
الوطنية من مراكز متقدمة”.
وتابع المتحدث
ذاته بأن “هذا الترشيح من المنتظر أن يمكن المملكة من بناء تحالفات إستراتيجية
تسهم في تعزيز المصالح الإقليمية والقارية المشتركة، كما سيمكن من تعزيز المشاريع
التنموية المشتركة، كمشروع الأنبوب الإفريقي الأطلسي العابر لإقليم غرب إفريقيا
بتأثيراته الهيكلية، والمبادرة الملكية لتعزيز فرص دول الساحل في ولوج الواجهة
الأطلسية، ومسلسل الرباط لدول الساحل الأطلسي الإفريقية، وكذا تحقيق الاستقرار
والأمن في المنطقة؛ وهو ما يتماشى مع التوجهات الملكية السامية التي تدعو إلى
تعزيز التنمية والازدهار في القارة الإفريقية”.
وخلص الخبير
نفسه إلى أن “الترشيح الجزائري لمنصب نائب رئيس المفوضية الإفريقية هو محاولة
لتحقيق أي نصر دبلوماسي أو سياسي للتسويق الداخلي على أنه إنجاز دبلوماسي”، مضيفًا
أن “موقف الجزائر قارياً وإقليمياً ضعيف جداً بسبب اقتناع المجتمع الإفريقي،
والفاعل السياسي والمؤسساتي الإفريقي، بمخططات الهيمنة الإقليمية للنظام الجزائري
ومحاولته التسلل إلى الهياكل القارية الإفريقية لتقسيم الدول وتفتيتها خدمة لمصالح
ضيقة”.