السبت 11 يناير
2025
الأستاذ/الكاتب:
الحسن لحويدك
رئيس جمعية
الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب.
يخلد الشعب
المغربي، الذكرى81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال ل (11 يناير 1944)، وهي ذكرى
غالية علينا جميعا، لكونها واحدة من أهم المناسبات الوطنية الخالدة، بٱعتبارها محطة
نضالية مفصلية حاسمة، ومنعطفا سياسيا في لحظة تاريخية بارزة ضمن ملحمة النضال
الوطني ، الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد في سبيل الحرية .
يحق للمغاربة أن
يعتزوا بحدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، وما يتضمنه من دلالات و مغازي ،
لأنه مفخرة للأجيال الصاعدة و اللاحقة، ومن تم التزود واستلهام مبادئ و قيم البعد
الوطني لهذه الوثيقة ، بما يشحذ العزائم و الهمم لصد مناورات و استفزازات كل من
سولت له نفسه التربص والتآمر على الوحدة الترابية و الوطنية للأمة المغربية
الضاربة جذورها في أعماق التاريخ .
لذلك ، تعتبر
وثيقة المطالبة بالاستقلال حدثا عظيما لما شكلته من تحول حاسم في سجل الحركة الوطنية،
صيانة للوحدة الترابية والسيادة الوطنية من أجل تحقيق الحرية والاستقلال من قبضة
القوات الاستعمارية .
إن المغاربة
معروفون و مشهود لهم بتضامنهم المستميت وصمودهم الدائم وتعبئتهم الوطنية الشاملة ،
في كل وقت وحين ، دفاعا عن المكتسبات والثوابت ، و تحقيقا لاهداف التنمية
المستدامة والشاملة كما هي متواصلة ، اليوم ، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة
الملك محمد السادس، الذي ما فتئ مند توليه العرش يسخر كل طاقاته وطنيا ودوليا من
أجل تقدم وازدهار وإشعاع المغرب ليواكب تحديات ورهانات العصر .
وفي هذا السياق
، واستلهاما لروح هذه الذكرى الوطنية ، لابد من تقوية الجبهة الداخلية و تحصينها
عبر المضي قدما في الإصلاحات الضرورية ، وإحقاق العدالة الاجتماعية، وتفعيل دور
نخب القوى الحية و رجالات الفكر و الإعلام ، وإشراك المجتمع المدني ، الذي ٱعتبره
الدستور المغربي قوة ٱقتراحية و شريك ٱستراتيجي في بناء الصرح التنموي المحلي
، إشراكه كطاقة فاعلة لمواكبة كسب
الرهانات و تجاوز هذه التحديات و تحقيق المكاسب و الانتصارات في شتى مناحي الحياة.
إن مناسبة هذه
الذكرى المجيدة الخالدة التي لها رمزيتها التاريخية ومعانيها الجليلة ، و التي تعبر عن الارتباط الوثيق والالتحام
المتين بين العرش والشعب ، من أجل مقاومة الاحتلال حتى تحقق الاستقلال ، تقتضي ،
أكثر من أي وقت مضى ، وقفة تأملية حين ٱستحضارها و الحرص الشديد على استلهام
مبادئها في إطار من التعبئة الجماعية الشاملة والمواطنة المسؤولة الصالحة
لتحصين المكاسب المحققة ومواجهة التحديات المطروحة ، وفق استراتيجية محكمة تستشرف
المستقبل المشرق لمواجهة رهانات المرحلة القادمة ، و في مقدمتها تحصين
مكتسبات قضية الوحدة الترابية و تعزيز سبل
تحقيق الانتظارات الاجتماعية .
ففي قضية
الصحراء المغربية التي نتطلع هذه السنة لحسمها ، إن شاء الله ، تعددت المكتسبات
التنموية ، وتراكمت الانتصارات الدبلوماسية التي حققتها المملكة من أجل الطي
النهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء .
و تحقيق هذا الرهان ، ٱستلهاما لمضامين الخطاب الملكي السامي
التاريخي في افتتاح البرلمان ، يتطلب الانتقال في التعامل مع القضية الوطنية
الأولى من مرحلة التدبير إلى التغيير ، و من رد الفعل إلى اخذ المبادرة بحزم و
يقظة واستباقية ، وفق خريطة طريق ممنهجة في إطار من التعبئة الوطنية الشاملة .
و لتحقيق هذا
الهدف المتوخى و المنشود ، ينبغي من الدبلوماسية الرسمية و الموازية ، بكل مشاربها
، أن تتعبأ بتضافر جهودها الجماعية ، من اجل الترافع عن مغربية الصحراء ، و
التعريف بالمقترح المغربي الجاد و الواقعي و ذي المصداقية للحكم الذاتي ، تحت
السيادة الوطنية المغربية ، بغية تحقيق
تسوية نهائية لهذا الخلاف الإقليمي المفتعل الذي وضع اعداء الوحدة الترابية في
عزلة دولية ، خاصة النظام الجزائري الجائر الذي يعاكس وحدتنا الترابية .
ففي الوقت الذي
اعترفت فيه فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا و عدد من الدول
الوازنة رسميا بمغربية الصحراء، والإجماع الدولي الذي يعزز مشروعية وعدالة المغرب
في صحرائه ، عرفت الأقاليم الجنوبية للمملكة ، في إطار النموذج التنموي الخاص
بها طفرات تنموية هائلة في شتى المجالات
وعلى مختلف الأصعدة ، فضلا عن إقامة عدد من القنصليات بها في حاضرتي العيون و
الداخلة ، وهي مواقف دالة على اعتراف هذه الدول بمغربية الصحراء .
وعلى الصعيد
الوطني ، تتطلب الرهانات الاجتماعية ،
الانكباب الفعلي المسؤول لتحقيق المشاريع الرامية لمواجهة متطلبات تحديات
العيش الكريم لجميع المواطنين ، و تحسين أوضاعهم . غير أن هذا الطموح ، يتطلب
تحقيق العدالة الاجتماعية التي هي الشرط الأساسي للتنمية الشاملة في إطار الالتقائية بين دور السياسات العمومية
في جميع المجالات ، خاصة بالنسبة لفئة
الشباب التي هي الركيزة الأساسية لكل إقلاع اقتصادي او تنموي .