الأربعاء 8 يناير 2025
كشفت مجلة "جون أفريك" عن تراجع واضح في النفوذ الجزائري بمنطقة الساحل
الإفريقي، التي كانت الجزائر تلعب فيها دورا جيوسياسيا رئيسيا على مدى العقود
الأربعة الماضية، وذلك بسبب التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي والعسكري في
هذه المنطقة.
وحسب فرانسوا سودان، مدير تحرير مجلة "جون أفريك"، فإن هذا التراجع برز بشكل
كبير منذ استيلاء العسكر على السلطة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهو
ما أدى إلى تحول المنطقة إلى ساحة مواجهة جديدة بين المغرب والجزائر على
النفوذ.
وأوضح سودان، خلال مداخلته في برنامج "أسبوع JA" على إذاعة "RFI" الفرنسية، أن تصاعد التوترات
بين الجزائر ومالي – التي كانت محور السياسة الجزائرية في الساحل – ساهم في
تراجع دور الجزائر، مشيرا إلى أن الخلاف سببه المجموعات المسلحة الطوارقية، حيث
تعتبرها الحكومة المالية جماعات إرهابية، بينما تراها الجزائر شركاء أساسيين
لأي عملية سلام وتستضيف بعض قادتهم.
وفي المقابل، يبدو أن المغرب استفاد من هذا التغير لتعزيز نفوذه في المنطقة،
حسب سودان، مشيرا إلى أن المملكة المغربية لم تُدن الانقلابات العسكرية التي
شهدتها المنطقة، بل أظهرت تفهما لمواقف الأنظمة الحاكمة الجديدة، وهو ما يتماشى
مع سياسة "المغرب أولا" التي ينتهجها الملك محمد السادس.
كما أشار إلى أن العلاقات الاقتصادية التي تربط المغرب بعدد من دول تحالف دول
الساحل (AES) مكّنت المملكة من ملء الفراغ
الذي خلفه تراجع الجزائر، لافتا إلى أن المغرب ركز على ثلاثة محاور رئيسية، وهي
تقديم بدائل للدول غير الساحلية من خلال مبادرة الأطلسي، والوساطة بين التحالف
والمستثمرين الماليين من دول الخليج، ولعب دور الوسيط بين دول التحالف والدول
الأوروبية.
وأكد فرانسوا سودان أن هذا النهج عزز من الحضور المغربي في المنطقة وجعل منه
فاعلا رئيسيا في معادلات الساحل الإفريقي، بينما يتواصل التراجع الجزائري في
المنطقة، في ظل الخلافات السياسية والدبلوماسية الجوهرية بين تلك الدول والنظام
الجزائري الحاكم.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب تمكن في الفترة الأخيرة من بناء علاقات قوية
ومتينة مع دول الساحل، وقد رحبت الأخيرة بالتعامل مع الرباط لتعزيز حضورها
السياسي والاقتصادي، خاصة أن المغرب لم يعارض التغيرات التي وقعت في أنظمة
الحكم، وعلاوة على ذلك قدم مبادرات إقتصادية لإخراج هذه الدول من ارتباك الفترة
الانتقالية.
وتبقى مبادرة "المنفذ الأطلسي" من أبرز المبادرات التي رحبت بها دول الساحل،
بالنظر إلى كونها تُقدم آفاقا اقتصادية هامة لإخراج بلدان الساحل من العزلة
الاقتصادية والتجارية التي تعاني منها جراء عدم توفرها على واجهات بحرية.
وما يشير إلى وجود علاقات وطيدة بين المغرب ودول الساحل، هو نجاح الرباط مؤخرا
في الإفراج عن 4 مسؤولين فرنسيين كانوا معتقلين لدى سلطات بوركينا فاسو، بعد
وساطة الملك محمد السادس.