-->

آخر الأخبار

جاري تحميل ...

اخبار جهوية

اخبار وطنية

السلطة الرابعة



الجزائر تُغازِل إسرائيل بورقة التطبيع


 

السبت 8 فبراير 2025

قبل أسبوعين، شهدت جلسةٌ لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، صِداما كلاميًا علنيًا بين السفير الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، الذي كانت بلاده ترأس المجلس خلال شهر يناير، ونظيره الإسرائيلي، داني دانون، بسبب تفادي الأول ذكر اسم الدولة العبرية، وإصرار الثاني على ذلك.

 

إلا أن الأمور تغيرت الآن، فمنذُ حوار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع صحيفة "لوبينيون" الفرنسية، الذي نُشر بتاريخ 3 فبراير 2025، والذي عبر فيه صراحة عن استعداد بلاده "تطبيع العلاقات مع إسرائيل"، عند إعلان قيام دولة فلسطينية، شرعت المؤسسات العمومية ووسائل الإعلام الرسمية وتلك المقربة من النظام، في تغيير القاموس السياسي المعمول به منذ عقود.

 

في صدام بن جامع مع دانون، انتقد الدبلوماسي الإسرائيلي قيام نظيره الجزائري بإعطائه حق التدخل دون استخدام عبارة "الكلمة الآن لممثل إسرائيل"، موجها له خطابا حادًا دعاه من خلاله إلى "تنحية مشاعره" باعتباره "رئيسا للجلسة"، مشددا على ضرورة أن ينطق العبارة البروتوكولية كما هي بالقول إن الرئاسة "تُعطي الكلمة لممثل دولة إسرائيل".

 

حينها بدا بن جامع مُحرجا، لكنه اضطر إلى ترديد العبارة كما طلب منه نظيره الإسرائيلي، قائلا "نحن نرأس هذه الجلسة، ورئاسة المجلس تعطي الكلمة لممثل إسرائيل"، وهو أمر تلقفته وسائل الإعلام الجزائرية المقربة من النظام بشكل آخر، حين اعتبرت أن بن جامع هو الذي "أحرج ممثل الكيان"، حين رفض ذكر اسم بلده.

 

إحدى تلك المنابر، هي صحيفة "أوراس" الإلكترونية المقربة من الحكومة، التي اعتبرت أن مندوب الجزائر "أحرج ممثل "إسرائيل"، بعد مداخلة أظهرت صرامة الجزائر في التمسك بمواقفها الرافضة للتطبيع"، وفق صيغتها، وتابعت "خلال ترأسه لجلسة مجلس الأمن، تجنب بن جامع ذكر اسم "إسرائيل" عند منح الكلمة لممثل الكيان الصهيوني، ما جعل الأخير يحتج".

 

لكن الأمور تغيرت سريعا، فالمؤسسة التي ينتمي إليها بن جامع، وهي وزارة الخارجية، شرعت في عملية تغييرٍ للمصطلحات والمفاهيم، ظهرت بوضوح في بيان أصدرته يوم أمس الخميس، تفاعُلا مع مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بترحيل السكان الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة وإعادة توطينهم في دُول الجوار، وخصوصا مصر والأردن، إذ لم تجد أي حرج في استعمال عبارة "إسرائيل" دون مظاهر تحفظ.

 

وأرد البيان أن الجزائر "تجدد التأكيد على قناعتها الراسخة من أن تحقيق السلام المستدام في الشرق الأوسط يبقى مرتبطا تمام الارتباط بإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني وتمكينه من إقامة دولته المستقلة والسيدة وفق "صيغة الدولتين" المتوافق عليها دوليا"، وهو لأمر الذي يحمل إحالةً على التصريحات الأخيرة للرئيس تبون.

 

ومضت الخارجية الجزائرية أبعد من ذلك، حين اعتبرت أن إقامة الدولتين، أي فلسطين وإسرائيل، يعد "حلا عادلا ودائما ونهائيا للصراع العربي – الإسرائيلي"، وإمعانا في توضيح مضمون تصريحاتها تحدث بصيغة واضحة عن "توحيد الأراضي الفلسطينية من غزة إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة في أفق تجسيد المشروع الوطني الفلسطيني"، أي أن المقصود هي حدود 1967.

 

ما ساقته وزارة الخارجية الجزائرية، يعني أن قصر المرادية يقود تغُيُرا سريعا وعلنيا في موقفه التقليدي من القضية الفلسطينية، بعد أسابيع قليلة على انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي امتد لـ15 شهرا وخطفت أرواح نحو 47 ألف فلسطيني بالإضافة إلى أكثر 110 آلاف جريح، فالعبارات المستخدمة في البيان تتماهى مع ما جاء على لسان الرئيس تبون في حواره مع صحيفة "لوبينيون" الفرنسية.

 

وحين سُئل تبون "هل ستكونون مستعدين لتطبيع علاقاتكم مع إسرائيل إذا أدى استئناف عملية السلام في النهاية إلى قيام دولة فلسطينية؟"، أجاب بوضوح مُفاجئ "بالطبع، في نفس اليوم الذي ستقوم فيه الدولة الفلسطينية، هذا هو مسارُ التاريخ، لقد أوضح أسلافي، الرئيسان الشاذلي (بن جديد) و (عبد العزيز) بوتفليقة، رحمهما الله، أنه لم يكن لديهما أي مشكلة مع إسرائيل، إن الأمر الوحيد الذي يشغلنا هو إنشاء الدولة الفلسطينية".

 

هذه الصيغة اعتمدتها أيضا بدون تحفظ، وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية، التي نقلت نص مضامين حوار تبون، هذا الأخير الذي عبر عن موقف مناقض لما ساقه في حوار تلفزيوني مع منابر محلية، في أكتور من سنة 2020 حين أورد "أرى أن هناك نوعا من الهرولة للتطبيع، ونحن، أولا، لن نشارك فيها ولن نباركها، والقضية الفلسطينية بالنسبة لنا ستظل قضية مقدسة".


إقرأ أيضا

الرياضة

عين على الفيسبوك

الاقتصاد

أخبار العالم

-->